حافظ على صحبة اهل الحب، حاء: حياة الابد ـ باء: بحر القدرة

Original Article

English

من الحقائق الكشفية لمولانا الشيخ قدس سره، بتقديم وشرح الشيخ نورجان ميراحمدي قدس الله سره

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم

مدد يا سيدي سلطان الاولياء مولانا الشيخ عبد الله الفائز الداغستاني، مدد يا سيدي يا سلطان الاولياء شيخ محمد ناظم عادل الحقاني. انظر حالنا واشفع لنا. انا عبدك العاجز والضعيف والمسكين والظالم والجاهل، ولكن بفضل الله عز وجل. سألين الله عز وجل بأن نكون لا شيء وان نسلك طريق التواضع والافتقار الى الله

كن متواضع وتذكر عالم النور

يسأل بعض الناس ما الفرق بين سلوك طريقة التربية الروحية واي رابطة مجتمعية ذات هدف مشترك معين. ان الطريقة الروحية هي طريق المعرفة، طريق الحقائق الوجودية الكشفية، طريق المحبة واهل الحب السامي.

إذا سبق لك ان صادفت في حياتك أحد أولياء الله الصادقين المقتدين بالنبي ﷺ ستتعلم منهم اول حقيقة وهي ان تتواضع وتكون لا شيء. دائما عليك ان تذكر نفسك الباطنية وتصرح بهذه الحقيقة امام الله عز وجل: (انني لا شيء يذكر).
انكار النفس بإزاء عظمة الخالق عز وجل هي بداية طريق الروح والمعرفة، انت وانا ونحن فعليا لا شيء والله عز وجل كل شيء وليس كمثله شيء. من يستطيع ان ينكر هذه الحقيقة، وان يقف امام الله عز وجل هل يبقى منه شيء؟ بل يذهل عن نفسه وينكرها ويعرف مدى قيمته الوجودية التي لا تذكر ابدا إزاء وامام حضرة الحق عز وجل. ندعو الله عز وجل ان ينزل على أنفسنا من اثواب الرحمة. رحمة الله المرسلة للعالمين هي محبة سيدنا محمد ﷺ.

 طريقتنا في التذكر والذكر هي انطلاقا من عالم الملكوت، وهو عالم الانوار الذري وما وراء المادة (الشكل الجسماني الطبيعي للعالم) او ما يطلق عليه عالم الملك والشهادة. ولكن ما هي حقيقة العالم النوراني. كل شيء في هذا الوجود المرئي والمحسوس واللامحسوس الغيبي يمكن اختصاره بالطاقة او بالنور، وأعظم الانوار في هذه العوالم كلها هو النور المحمدي ﷺ. حيث ان النور المحمدي هو اول شيء خلقه الله عز وجل ومن هذا النور يتدرج وينبثق خلق باقي حقائق كافة المخلوقات، الله عز وجل هو الخالق والممد باستمرار لهذا النور المحمدي بالقدرة والبقاء الوجودي

ذو القرنين وباني الاسوار

في شهر صفر الخير تتجلى الحقائق المعرفية لذكر (سبحان من هو العليم الحكيم). في هذا الشهر أيضا نتدارس أيضا الحقائق الروحانية لقصة أصحاب الكهف، والعلاقة بقصة سيدنا موسى عليه السلام ولقائه بسيدنا الخضر عليه السلام، أيضا قصة ذو القرنين وبناء الاسوار (سورة الكهف ١٨، الآيات ٩٤ الى ٩٧) حيث يتضح انه يقوم ببناء الاسوار وهذا هو وظيفته في هذه الحياة، يقوم ببناء الاسوار على الوقت المجدول زمنيا له وبدقة. حقائق شهر صفر الروحانية تعلمنا وتخبرنا عن ان كل شيء من الاحداث التي تقع في هذا العالم يحصل بقدر الله عز وجل المكتوب أصلا في علمه الازلي، تماما مثل ما هو مكتوب ازليا من حقائق شهر صفر ومجيء هذا الباني العظيم للأسوار هذا له تفسير اخر

النبي موسى عليه السلام أراد طريق المعرفة وعلم الحقائق، فذهب الى مجمع البحرين

لقد أراد النبي موسى عليه السلام البحث عن سيدنا الخضر عليه السلام من اجل لقائه، ليتعلم منه اعلى مستوى حقائق وجودية ومعرفية عن هذا العالم، حيث قال مخاطبا ربه: يا رب لن ابرح حتى ابلغ مجمع البحرين. فأخبر الله عز وجل عن حال سيدنا موسى في هذه الآية الكريمة من سورة الكهف:

﴾وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لَا أَبْرَ‌حُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَ‌يْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ﴿٦٠

ولكن ما هي حقيقة هذين النهرين او البحرين، هل هو فقط مكان وان المعرفة عن اعلى مستوى من الحقائق الوجودية يمكن ان تكشف في مكان جغرافي مادي! اما ان هنالك فهم اخر ؟

 أولياء الله يأتون الى حياتنا ليعلمونا رمزية الحقيقة لنفهم، بأن البحرين او النهرين هما، نقطة التقاء بحر حقيقة لا إله الا الله، ببحر حقيقة محمد رسول الله ﷺ

علامة مكان اللقاء: النقطة التي تعود فيها السمكة الميتة الى الحياة

كان لا بد من وجود علامات من اجل معرفة مكان اللقاء، حيث ان سيدنا موسى ويوشع عليهما السلام قد اخذا سمكة او حوتا صغيرا مشويا معهما للغذاء اثناء هذا السفر، ونسي يوشع هذه السمكة المشوية على صخرة اثناء فترة الاستراحة، وما لبث ان تذكر انه نسيها الا عندما سأله سيدنا موسى عن السمكة بعد شعورهم بالجوع.
حيث قال متسأل (نحن الان جوعى، ماذا حصل للأكل الذي كنا سوف نتناوله؟)، رد فتى موسى عليه السلام يوشع: (عجيب! لقد نسيت ان اخبرك. بأنني اثناء الاستراحة وضعت الحوت المشوي لأجهزه لكي نأكله على صخرة، لكن الغريب ان الحوت المشوي الميت قد عاد الى الحياة وقفز في الماء وهرب) ونسيت ان اخبرك!

قال الله تعالى مخبرا عن هذا الحدث في القران الكريم:

﴾ قَالَ أَرَ‌أَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَ‌ةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَ‌هُ ۚ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ‌ عَجَبًا ﴿٦٣

السمكة (الحوت الصغير) ترمز الى الروح التي تريد ان تشرب كل بحار الحقائق الالهية

هذه السمكة التي ترمز الى الروح، ترمز أيضا الى بحر حياة الخلود (الحياة الحقيقية). وهذا هو رمز سيدنا الخضر عليه السلام، وهو أحد مشايخ في سلسلة مشايخ الطريقة النقشبندية، الشيخ رقم ١١ في الطريقة النقشبندية هو سيدنا الخضر، معلما اسرار حياة الخلود

للحوت والسمكة في طريق المعرفة رمزية خاصة ودلالة الى الروح، الروح يحيى في بحر الرحمة الإلهي الواسع ويسبح فيه. ان هذا الروح لديه نهم هائل الى الحقائق الإلهية، ويريد هذا الروح ان يبتلع كل محيط الرحمة الإلهي، كما ان السمكة لديها نهم هائل في ان تبتلع كل مياه البحر، حيث تفتح هذه السمكة فمها وتعتقد انها قد ابتلعت كل المحيط. كذلك الروح لديه طموح هائل وحب كبير لبحر الحقائق الإلهي الذي لا ينتهي، يقول الروح بلسان حاله (يا ربي، مهما رميت روحي في بحار حقائق رحمتك وسعتك اللانهائي سوف تجدني متعطشا للمزيد وسوف لن أشبع). يبحث الروح دائما عن الكرم والسعة الإلهية لله عز وجل ولا يرضى بالقليل فهمة الروح عالية وشرفه كبير. يقول مولانا الشيخ ان حال الروح في حياته في بحر الحقائق الإلهية تماما كحال السمكة او الحوت في المحيط المائي، وهكذا يؤول برمزية الحوت الى حقيقة الروح في البحر الإلهي. بما ان بحار الجود والكرم الإلهي واسعة ولا تنتهي، ليكن لديك روح مفعم ومريدا لحقائق الحياة

هل حوتك (روحك) ميت وهالك؟

عندما يصبح الروح جاف، وبال وميت، هذا يعني ان هذه الروح تفتقر الى غذائها من الحقائق الإلهية من محيطات الرحمة والعلوم الإلهية. لهذا يطلق على أولياء الله اوصاف مثل اهل الحياة ومحييّ القلوب دلالة على حياة ارواحهم وعلو مشاربهم. عند مخالطة هؤلاء القوم من أولياء الله سوف تجد حياة لقلبك، وتجدد لروحك.

كل روح لا يأخذ حظه من السباحة والغوص في محيطات الحقائق الإلهية وبحارها، سوف تبدأ تبلى وتدريجيا الى موت حياة الروح. فهم احياء الجسد اموات الروح ولن تسمع من هم في القبور.

يتجلى مثال هذه الأرواح الرثة، حين ترى كثير من المصلين يوم الجمعة، تذهب هناك تراهم متعبين ويائسين. دائما ما يسمعون نفس المواعظ والخطب، لا شيء يغذي ارواحهم، كل جمعة هي جمعة سياسية، كل صلاة جمعة هي معاناة للمصلين وتكون ثقيلة الوقع عليهم. لقد أصبح كل الإسلام للأسف مثل هذا النوع من الجمعة. في الحقيقة الإسلام هو دين الله عز وجل، هذا الدين غني جدا ولا ينضب من ان يحي قلوب اتباعه في كل مرة فيها حلقة ذكر، او مجلس علم يتم فيه تعليم حقائق الروح والحقائق الإلهية العرفانية وهذه حقائق لا تنتهي كما ان كلمات الله عز وجل لا تنتهي ووسعه وكرمه لا ينضب ابدا.

إذا اغفلنا حقيقة ارواحنا وما تحتاجه من غذاء، سوف تحجب هذه الأرواح من بحارها وعن مصادر تغذيتها وتصبح مثل الحيتان والسمك الميت البالي. السمكة الرثة الميتة هي رمز للروح المحرومة المحجوبة عن حقائق خالقها.

الكثير من الناس تأتي للشيخ متسائلين عن عدم شعورهم بأنفسهم كأنهم كالأموات، يقولون يا شيخ لا نشعر بصلاتنا ولا بعبادتنا، لا نشعر بشيء، ما زلنا نحضر تلك البرامج، لقد فقدنا شعورنا بأرواحنا. هذا مثال عن القضية التي نطرحها وعن الحوت الميت، ومثال عن روح تم حبسها وحجبها عن مصدر حقيقتها وبحار علومها واغذيتها. رغم ان هذه البحار ما تزال موجودة.

داوم على طريق الحب وابحث عن اهل الحب

يأتي الاولياء الى حياتنا ليعلمونا طريق المحبة والحب ويصفوه لنا. انه الحب، الحب! لا تسيء فهم هذه الكلمة بالمعنى المستخدم والدراج بين العامة، انه معنى مبتذل، عندما يتكلمون عن الشهوة ويقصدون بها الحب.

ليكن واضحا لديك انه عندما يتكلم الاولياء والعارفون بالله ومشايخ التربية عن الحب، وأبقى على طريق المحبة، اياك ان تعتقد انهم يقصدون الحب المبتذل الشهواني الحيواني وان الجميع ينام مع الكل وكل شيء مباح! هذا أصلا لا يسمى حب، بل العكس تماما! هذا يسمى الهوى، ويعبر عن الرغبات الدنيئة المحرمة التي يجب ضبطها وترويضها على آداب الشريعة، وتنفيسها في قنواتها المحللة.

لفهم المقصود بالحب السامي وطريق المحبة الروحية يتوجب علينا ان نفهم هذه الكلمة من منطلق علم الحروف الإلهية، الذي اختص الله به اوليائه لتعريفهم بأسرار الحقائق الوجودية. أولياء الله هم اهل الحب الإلهي، وهم من يستطيعون ان يخبروننا عن معنى كلمة حب. الحاء والباء، حرفان كلمة حب. اهل الحب هم محيي القلوب الذين تجلى الله عز وجل عليهم بهذه القدرة منه، وامدهم من انوار اسمه المحيي ليمدوا به كل من يحتاج هذه الطاقات والانوار ممن ماتت قلوبهم وارواحهم. إذا اقتربت من هؤلاء الاولياء اهل الحب ومحيي القلوب سوف تشعر بهذه الطاقة وبحضورهم يستنار قلبك ويعيدوه الى الحياة.

يا مُحْيِي الْقُلُوْبِ، سَلَّامْ عَلَيك                يَا مَاحِي الذِّنُوْبِ، سَلَّامْ عَلَيك

سورة الفاتحة السر الجامع المحتوي على كل القران الكريم

لمعرفة اهل الحب يجب ان تعرف الباء المكونة لكلمة حب، في سورة الفاتحة وأول حرف في القران الكريم هو حرف الباء في البسملة. وهي أقرب الحقائق. القران الكريم يحتوي على ٣٠ جزء، ويبدأ أولياء الله بتعليم الناس عن الحقائق من هذه السورة المباركة المنزلة في ٧ آيات، عند فهم هذه الحقائق تبدأ تجليات وتنزيلات اثواب الرحمة تهبط على روح المتحقق بهذه المعاني والحقائق. لذلك تستطيع الان ان تعرف ما هو المراد بعبارة ـ بسر سورة الفاتحة ـ الذي يستخدمونه العارفين بالله في أدعيتهم. وهذا كله ضمن حقيقة اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولو الامر منكم (سورة النساء، اية ٥٩).

اولو الامر هم أولياء الله العارفين المتحققين الذين يقومون بتعليم الناس وارشادهم ورفعهم ليتمكنوا من استنزال هذه الرحمات متوسلين ببركة وسر سورة الفاتحة. عندما يبدأون بقول بسم الله الرحمن الرحيم، هم يعرفون ماذا يقولون ، انها ليس مسألة ترديد وتقليد ، عندما يقولون الحمدلله رب العالمين هم يعرفون حقيقة هذه الاية ، وهكذا على طول ايات سورة الفاتحة المباركة

﴾بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ ﴿١﴾ الْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٢

أولياء الله من يعلمون الناس هذه الحقائق، قد تحققوا ولبسوا من انوار اسرار سورة الفاتحة. عندما يقومون بالدعاء لله عز وجل. يستحضرون المعنى الذي أراده الله من البسملة التي هي بذاتها سر سورة الفاتحة (بسم الله الرحمن الرحيم). هذا يعني انهم يحملون حقائق القران الكريم في ارواحهم العلوية

سورة الفاتحة لوحدها تحيط بقدرتها كل سور القرأن الكريم

تعتبر سورة الفاتحة كنتيجة لافتتاحها القران الكريم، هي السورة التي جعلها الله سر هذا القران الكريم، حيث تتكاثف بها الاسرار والحقائق بشكل هائل لتكون مثل الليزر. في ذلك الوقت لم يكونوا يعلمون ما هو الليزر.
اما الان فأننا نفهم ما هو الليزر.

ان النور او الضوء يمكن ان يكون لا نهائي غير محدود، لكن إذا أردنا ان نحصل على قدرة هذا الضوء، يجب علينا ان نمتلك إمكانية التحكم الفعلي بهذه القوة النورانية. الله عز وجل الهم الانسان معلما إياه عن الليزر.

الية عمل جهاز الليزر من خلال عدسة مكبرة ومرآة في داخل وسط معزول ينعكس فيه الضوء ذو الموجة الواحدة على السطحين ذاهبا وايابا، عندئذ تتطابق الموجات على بعضها البعض – عن طريق انعكاسها عدة مرات بين مرآتين داخل بلورة الليزر فتنتظم الموجات وتتداخل تداخلا بنائيا وتخرج من الجهاز بالطاقة الكبيرة المرغوب فيها مركزة وقادرة على قطع الفولاذ والخشب وكل شيء تمر من خلاله.

هذا الليزر يستخدم في ارسال إشارات من الكرة الأرضية الى الستالايت والاطباق الفضائية المسيرة حول فلك الأرض، كل هذا هو من حقائق النور والضوء. والان نستطيع ان نفهم ما المقصود بأن سورة الفاتحة تتركز كضوء الليزر مستجمعه كل قوى واسرار وأنوار السور القرآنية الأخرى لتندفع بفتحة واحدة ونور مركز شديد وهو سر سورة الفاتحة. لذلك اختار الله عز وجل هذه السورة لافتتاح قرانه العظيم بها

كل حرف من حروف القران الكريم يتمدد وينبثق منه أحرف أخرى، حرف الف ينبثق منه ا (الف)، ل (لام)، ف (فا)

عندما يقرؤون سورة الفاتحة، بسر سورة الفاتحة، كل هذه الحقائق القرآنية تبدأ بالفيضان بهذه القراءة. وتقوم الملائكة بحمل كل حرف من حروف هذه السورة المباركة وتسلمه الى حضرة الله عز وجل. بعض أولياء الله يتكلمون عن ان كل حرف من هذه الحروف يحمل ٢٠٠٠٠ حقيقة، ٢٤ ألف حقيقة، ١٢ ألف حقيقة قرآنية. هذه الاختلافات في الاعداد ناتجة في الواقع عن ان هذه الحروف لديها سعة لا نهائية لحمل المعاني والحقائق. يمكن ان يحمل حرف ألف معنى او حقيقة واحدة من عدد لا نهائي من الحقائق، منها مثلا العزة الإلهية

حرف الالف، يكتب ا ويلفظ الف ويتكون هذا اللفظ من ٣ حروف أخرى ـ ا، ل، ف- تلفظ الف لام فاء.

 من هنا نلاحظ ان كل حرف اذا به ينفتح كالوردة التي تزهر وينبثق منها حروف أخرى وهكذا حتى لا نهاية من الحقائق، لان كل حرف هنا له قيمة وجودية تكوينية على المستوى الروحي والمستوى المادي، حيث ان هذه الوحدات البنائية الاحرف التي جعلها الله عز وجل مكونات كلمات القران الكريم وهو كلام الله عز وجل، والله عز وجل يخلق بكلامه وامره وكلمات الله لا تنفذ ، طالما ان قلب الولي والعارف بالله يتحمل وله سعة لحمل حقائق اعمق، فان البحر لا ينتهي ابدأ وكرم الله عز وجل لا ينفذ ابدا

سر سورة الفاتحة يتمحور حول البسملة (بسم الله الرحمن الرحيم)

هذا يعني لفهم البا، ومعرفة من هم حقائقها؟ علينا اولا إدراك ان كل حقائق القران الكريم وضعت في سورة الفاتحة. ومن خلال القدرة المركزة في هذه السورة المشرفة المسماة بالفاتحة يخبرنا الله عز وجل على لسان رسوله ﷺ بالحديث عن ان فاتحة الكتاب توجد في سر البسملة بسم الله الرحمن الرحيم. عندما يتم ذكر بسم الله الرحمن الرحيم، يفتح الله عز وجل كل اسرار القران الكريم تماما مثل الليزر المركز جدا. اذن قول أولياء الله بسم الله الرحمن الرحيم ليس كالمعنى المستحضر المقلد لدى عامة الناس، بل هو مفتاح يفتح الله عز وجل به عليهم من كل اسرار القران الكريم وحقائقه وعلومه

يمكن اختصار البسملة بسم الله الرحمن الرحيم بحرف الباء

كل ما هو متعلق ببسم الله الرحمن الرحيم ينشأ من حرف الباء كرتبة وجودية. من المهم جدا فهم ان لفظ الشيء مع استحضار معناه لدى أولياء الله مختلف تماما عن العامة، حيث انهم يقولون بـــا (ويقصدون عند التلفظ بحرف الباء أينما ورد وقراءته في كلمة قرآنية او خاصة بالبسملة)، يقولون الحرف ويقصدون به التوجه الى الله عز وجل داعين له انه يا ربنا انت لا يمكن ان يدرك لك حد، فنسألك بسر هذا الحرف عندك الذي جعلته سر بسم الله الرحمن الرحيم، الذي جعلتها سر سورة الفاتحة، الذي جعلتها سر القران المجيد. التلفظ بالحرف ب وترك سره عند الله داعين الله عز وجل بسره لسره، لا يحيطون بشيء من علمه لان الله عز وجل لا يحاط به أصلا فكيف يراد ان يحاط بكلامه، بل بمعنى كلامه! لذلك يتوجب على كل انسان ان لا يجعل حد لله عز وجل بأن هذا هو المراد انتهى والباقي مستحيل، لا تقل مستحيل على الله عز وجل، قل مستحيل على نفسك وحدد نفسك وفهمك وعلمك وقصورك الذاتي اما الله فليس كمثله شيء سبحانه

الاية ٢٦ من سورة ال عمران تفصح بشكل واضح، انه لا يمكن لاحد ان يقيد او يحدد عطاء الله عز وجل، من يعطي ومن يمنع. يعطي من يشاء ما يشاء ويمنع من يشاء ما يشاء. لا قوة تجبر الله عز وجل حاشاه او يفرض عليه جل جلاله بان يعطي فلان ويمنع فلان بل يفعل ما يشاء ولا معقب لحكمه يأخذ ويعطي كما يريد.

﴾قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِيِّ الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ٬ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلَّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ. اِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْئٍ قَدِيْرٌ سُوْرَةْ آَلِ عِمْرَان ﴿٢٦

عباد الرحمن يحملون اسرار الباء وانوار القران

هذا يعني انهم عندما يحملون سر حرف الباء، فانهم يلبسون من انوار القران كله. ان شاء الله غدا سوف نتكلم عن القران الكريم. غالبا ما يخلط الناس بالمساوة الكلية ما بين الفرقان (كتاب توضيح الصواب والخطأ) وبين القران الكريم.

من يحمل انوار حقائق القران الكريم المقدسة في روحه وتنعكس على حياته الدنيا، فيصبح يمشي على انعكاسات انوار القران الكريم وبهدايته وبأنواره، فهو بذلك يكون وارثا للنبي ﷺ وميراثه حظه النبوي من سورة الرحمن، فيصبح عبدا للرحمان متحققا بصفات عباد الرحمن (كل من يخدم الأعظم رحمة وتعاطف فهو عبد الرحمن). هؤلاء العباد يتجلى عليهم الرحمان بأنوار اسمه جل جلاله وبعطاء من ملكه الرحمن. في سورة الرحمن وصف لحقيقة هذا القران المنعكس على عباد الرحمن (الرحمن، علّم القران، خلق الانسان). والترتيب يجب ان يتأمل ويتدبر فيه.

﴾عَلَّمَ الْقُرْ‌آنَ ﴿٢﴾ خَلَقَ الْإِنسَانَ ﴿٣

الآية ٢ و٣ من سورة الرحمن، سورة رقم ٥٥

أرواح أولياء الله تم اختيارهم مسبقا من الله عز وجل، وعلّموا القران في السماء قبل خلقهم

يقول الله عز وجل مخبرا عن هذه الحقيقة، بان أولياء الله تم تعليمهم حقائق القران في ارواحهم قبل خلق أجسادهم

 الإنسانية. لهذا فلهم مقام ازلي علمي قديم عند الله عز وجل. من المهم إدراك ان الله عز وجل لا يتنظر ان يرى فعل عباده حتى يختار بشكل عشوائي. الله عز وجل لا يقول هيا تسابقوا حتى تنالوا من علومي القديمة وحقائق قراني العظيم وتكونوا محظوظين، ليس الامر على هذا النحو. بل هو ميثاق قديم قبل خلق الأجساد قد اخذ في عالم الذر الروحي على أرواحهم على ان الله عز وجل ربهم لا رب لهم الا إياه.

﴾وَإِذْ أَخَذَ رَ‌بُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِ‌هِمْ ذُرِّ‌يَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَ‌بِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ … ﴿١٧٢

في ذلك الوقت وفي بحر هذه الأرواح، باركهم الله وعلمهم من علومه والبس ارواحهم من حقائق القران الكريم قبل أجسادهم. على الانسان ان يتذكر عالم الملكوت الذري الروحي في بعده السماوي وهو عالم الانوار. إذا نسيت هذا العالم ستصبح انسان الشكل فقط، صاحب المادة فقط منقطع عن حقائق روحك. اما من تحقق بحقيقة الملكوت وعالم النور فقد شرفه الله عز وجل ونظر اليه ، وعلم روحه من حقائق القران، والعلم اللدني ، وهذا ما تشير اليه الاية الكريمة من سورة الرحمن رقم ٢ و ٣

الله عز وجل اعطى النبي ﷺ أفضل الأسماء وسماه عبد الله

سوف نعود مرة أخرى لحقائق الحروف من اجل فهم حقيقة التسمية والمضمون لكلمة عبد، هنالك بعض الناس تظن ان تسميه النبي ﷺ بالعبد هي كما كان دارجا بين الناس ان العبد هو الشخص الذليل الذي يضربه ويهينه الجميع. نستغفر الله العظيم من هذا الفهم السيء والخاطئ والمسيء للنبي ﷺ، ونريد توضيح الأمور ومعنى كلمة عبد حتى لا تفهم في غير اطارها، وإذا لم تكن تعلم ما معنى كلمة عبد فلا تسيء لنبيك ﷺ، بل تعلم ذلك المعنى.

عبد الله، هو خادم الله عز وجل. لقد بلغ العبد مستوى أرقى من مستوى رجال الله، وعندما يسمي الله عز وجل شخص ب كلمة عبد يعني ان هذا الشخص قد بلغ مرتبه أصبحت فيها نفسه، وحقيقته، وكل ما يملك بشكل تام لله عز وجل، فيعطيه الله من أفضل وأحب ما عنده من رحمة وبركة ومنزلة. وثوب العبودية يكون مطرز بأنوار وتلألأت الله عز وجل. في الحديث عن الرسول عن أحب الأسماء الى الله عز وجل.

عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجُشَمِيِّ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسَمَّوْا بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ

الخلفاء الأربعة هم مثل الذرات المحيطة بالنواة سيدنا محمد ﷺ

العبد (ع ـ ب ـ د) يحمل من الحقائق الإلهية اللدنية.

 حرف العين (ع) ويرمز الى العلم اللدني القديم، فهم اوعية وحاملين للعلوم اللدنية القديمة الإلهية. هل تذكر ماذا كانت أسماء الخلفاء الراشدين الاربعة للنبي سيدنا محمد ﷺ. أبو بكر الصديق (عبد الله بن قحافة) عليه السلام، عمر عليه السلام، عثمان عليه السلام، علي عليه السلام. جميع أسمائهم لهؤلاء الخلفاء الراشدين الأربعة تبتدأ ب حرف العين (ع) ، كل عين تحمل حقيقة وعلم الهي وتقارب قوة من القوى الفيزيائية الأربعة للجسميات الأولية للذرة ، وحيث ان هذه القوى الأربع تعمل تماما مثل القوى الكونية الاربعة ، وهو حرف العين ( عبد الله ) سيدنا محمد ﷺ هو النواة ، وهو صاحب هذه الحقائق والعلوم وموزعها على القوى الأربعة وخلفائه

القران الكريم هو بحر لا نهائي للمعارف والعلوم الإلهية

أولياء الله يحملون كل المعارف السماوية والحقائق القرآنية ويغترفون من نهر الكوثر، ويأخذون كثيرا من بحر جود الله عز وجل وكرمه. المعنى المشار اليه بالقران الكريم لو ان كل الأشجار في الوجود كان مثل أقلام، وان كل محيطات هذا الكون كانت مثل الحبر الذي يمد القلم، لا تنتهي الحقائق التكوينية العلمية اللدنية لله عز وجل. هذه الحقائق تتدفق على قلب النبي ﷺ وعلى روحه متلقيا إياه من لدن الله عز وجل الحكيم العليم.

﴾ قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ﴿١٠٩

من روح النبي ﷺ المستمدة من الله كواسطة فيض، وتمد باقي الأرواح بكل أنواع القدرة، على هذا القلب الشريف والروح تلقي القران الكريم من حضرة الله عز وجل وكتب عليه. وبما ان الله ازلي باقي دائم، فكلامه من صفته، والقران كلام الله عز وجل فالقران غير مخلوق والقران حيّ وهو لغة الوجود لكل هذه العوالم المرئية والغير مرئية، لمن أحسن فك شيفراته. القران هو بحر حياة الخلود، وما يزال تحصل تجلياته في الافاق، ان القران الكريم ليس مجرد أوراق مطبوعة وقصة ماضي وانتهت. لا يمكن وصف القران بانه يحيي الأرواح الميتة والقلوب الصدئة الا إذا كان له هذه القدرة ويمدها من صاحب الحياة الازلي الباقي، فهو فيض قدسي من بحار علوم ورحمات الله وكلماته التي لا تنفذ وليس كلمات مطبوعة على ورق

الله عز وجل لا يخبر عن سورة الناس سورة رقم ١١٤ في حقائق الكلام الإلهي والكلمات التي لا تنفذ، لان سورة الناس تتعلق في عالم الدنيا المادي المحدود. الله عز وجل يتحدث عن ام الكتاب، الحقيقة السرمدية، في عالم الملكوت حيث هنالك لا تنتهي كلمات الله عز وجل لبقاء عالم النور.

هذا يعني ان القدرة والقوة التي تتحرك كما نعلم من خلال كلام الله عز وجل وقرانه على قلب نبيه الخاتم ﷺ، هي نفسها تلك القدرة التي تحكم وتخلق السماوات والعوالم كلها. وتحكم كل من الملائكة والعرش وتمدهم بالقوة، وهذا كله محور هام لمعنى حرف العين (ع) والعلم اللدني (كلام الله عز وجل وحقائق القران الوجودية النورانية).

كنتيجة لهذه العين ع، جعلهم الله عز وجل أيضا حاملين لحقيقة حرف الباء. (عـبـد ع، ب، د )

العبد أشرف عنوان وحقيقة يمكن ان يحملها الانسان

حرف الباء هو نقطة ليزر القران المكثفة لكل المعاني، في حرف واحد فقط. حيث بهذا الحرف ابتدأت كلمة بسم الله الرحمن الرحيم، وابتدأت سورة الفاتحة، وهكذا يتحرك كل حقائق القران الكريم من مركز الليزر المركز وهو حرف الباء. يعني لك ان تتصور انه إذا كتبت حرف الباء بتلك القدرة، فأنك بحرف واحد تستخدم قدرة القران كاملا، ما تلك القوة الهائلة التي يحملها هذا الحرف. الله عز وجل بتسميته للعبد عبدا، عين باء دال.

حرف الدال وهو الدليل والدوام لاستمرارية هذه الحقيقية لجميع الخلق، دليل الهداية، دوام الهداية بهذا العلم اللدني الإلهي المنزل على قلب العبد، وهو مالك تلك الحقائق الإلهية سيدنا محمد ﷺ وخلفائه الأربعة من حملوا واظهروا انوار هذه الحقيقة والخبر العظيم ونشروها وحافظوا عليها رضوان الله عليهم. كل علم وكل معرفة في هذا الوجود تأتي عبر تلك الحقيقية المحمدية وحقيقة قلب العبد المنزل عليه القران سيدنا محمد ﷺ

عندما يقول الله عز وجل كلمة عبد، فان هذا يعني شرف وعنوان هائل وعظيم لكل من يحمله.

لان الله عز وجل هو من يلبس هذا العبد من ثوب رحمته، ولان العبد قد وصل الى مرتبة الرضوان الإلهي وبذلك يأذن له الله ليدخل في خدمته التشريفية وهي المعنى المقصود للعبودية. وأيضا هي المعنى المطلوب من جعل العبد في مرتبة الخلافة عن الله وتسخير كل ما خلق الله عز وجل لهذا العبد ليطيعوه بإذن الله، لان العبد وهو الخليفة ﷺ هو ﷺ من يمثل الحقيقة الإلهية وهو حقا كمرتبة وجودية وفعلية نافذة فوق مرتبة الملائكة والجن. الملائكة تعمل تحت أوامر الاولياء وتقديمهم. وهذا هو بيان الاية الكريمة من سورة النساء رقم ٥٩

﴾ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُواللَّه وَأَطِيعُوٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ…﴿٥٩

الملائكة سجدت لآدم عليه السلام اعترافا بتفوقه عليها بسبب علمه بالأسماء والمعارف الإلهية والنور المحمدي ﷺ

لهذا السبب امر الله عز وجل الملائكة بالسجود لسيدنا ادم عليه السلام، بعد ان اظهر جزء بسيط من هذه العلوم وعرضها على الملائكة، فعرفت الملائكة هذا الشرف الباذخ لهذا الكائن وسجدوا له سجود احترام واعتراف بالتفوق لهذه الحقائق التي علمها ويشعها، وهذا النور المحمدي ﷺ الذي سيقدم من خلاله للكون كله.

﴾وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ ﴿ ، من سورة البقرة الآية ٣٤

سجود الملائكة لهذا النور الذي حملّه ادم عليه السلام واحترامه، وبذلك تفوق ادم عليه السلام بهذه المنزلة والدرجة الروحية على الملائكة. مظهرين بهذا السجود التفوق العلمي والرتبة المعرفية والوجودية لهذا الكائن على باقي المخلوقات. وهذا مصدره ذلك النور الإلهي والنفخة التي تجلت على سيدنا محمد ﷺ وعكسها النبي على أولياء الله وهم اولو الامر. وبالتالي المخلوقات الأدنى الملائكة والجن خضعوا لهذا التشريف العلوي. لهذا العبد شرف كبير ، وهذه من عطاء الله عز وجل لهم أي لعباد الله المتحققين بالصورة والمعنى لهذه الكلمة من سر حرف الباء وحقيقتهم الروحية تحمل هذا الحرف

حاء الحب، حقيقة بحر حياة الخلود

ان الله عز وجل قد اخذ تلك الأرواح وغمسها والبسها في بحار حياة الخلود الازلي. هذه الحياة الحقيقية هي منبع حرف الحاء الموجود في أسماء الله الحسنى رحمن، رحيم، الحاء.

الرحمن هو بحر النور، حيث يأخذ الله عز وجل هذه الأرواح الشريفة العلوية، ويلبسهم من بحر الحياة الخالدة، فيغمسهم في تلك الانوار المحيطة ويخرجون بصفة اهل النور. لان الاسم رحمن ونور متعلق بالإلباس للأرواح من تلك الانور.

تلك الأرواح المحبة والمحبوبة يأخذها الله عز وجل ويغمسها في صفة الرحيم، ليصبحوا اهل الحياة الحقيقة الخالدة. اذن لدى هذه الأرواح تجليات نورانية وحياة خالدة.

من العين اليمنى تشع صفة الاسم الرحمن من محيطات النور الالهية، ومن العين اليسرى تشع صفة اسم الرحيم محيطات بحار حياة الخلود. هذا يعني من انه من خلال صورة وجوههم، يشعون ويلبسون الناس من انوارهم ومن ماء بحر الحياة

كل شخص يستلم واردات البركة والثواب اثناء حلقة الذكر، بدون تمييز او استثناء

عندما نتكلم عن الحب واهل الحب والمحبة، اننا لا نتكلم عن الناس الشهوانين الغرائزيين، لا نتكلم على الناس الذين ينجرفون نحو رغباتهم. نحن نقصد باهل الحب الإلهي والمحبة الإلهية وهو باختصار عباد الله، لان الله عز وجل قد البس ارواحهم من هذه الحقائق والرحمات. وهم يفيضون بحضورهم من حقائق القران الكريم. لهذا السبب كان مولانا الشيخ قدس سره دائما يقول، إذا كان بجانبك أحد أولياء الله سوف يلبسونك من انوراهم وإمداداتهم، كن متأكد انها ليست صحبة فارغة، انهم لا يعتمدون عليك ابدا، انت فقط بمجرد التواجد وصحبة ارواحهم ومجالسهم سوف تتنزل عليك مما يبسطه الله عليهم ويكرمهم به ويلبس اروحهم به

كل من حول أولياء الله ينال من بركاتهم والرحمات الهابطة عليهم بدون استثناء من الله عز وجل لا تفريق بين غني او فقير او جديد او قديم من صحبتهم. وهذا ما جعل الملائكة مستغربة منهم، في الحديث الشريف عن النبي ﷺ يخبرنا عن هذه الحقيقة عن حلقة الذكر، حيث تسأل الملائكة الله عز وجل يا ربنا لقد وجدنا أحدهم خطأ ومذنب في هذه الحلقة التي تذكرك، فيقال لهم لا فرق أعطوا الكل من هذا الثواب العظيم، لان أصلا حلقة الذكر تحتوي على أولياء الله مرئيين ام غير مرئيين وتحتوي أيضا على انوار الملائكة، وطالما انوار الملائكة هنالك فأن حضرة النبي ﷺ حاضرة هنالك معهم، حتى من حضر مع او بدون نية فله ذلك، ان حلقات الذكر له قوة تأثير هائلة ولا يمكن تصورها. 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” إِنَّ لِلَّهِ مَلَاَئِكَةَ سَيَّارَةٍ وَفُضَلَاءٍ، يَلْتَمِسُونَ مُجَالِسَ الذِّكْرِ فِي الْأرْضِ. فَإِذَا أَتَوْا عَلَى مَجْلِسِ ذِكْرِ حَفِّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ، حَتَّى يَمْلَئُوْا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا.

فَيَقُولُ اللهُ: مِنْ أَيْنَ جِئْتُم ؟ فَيَقُولُونَ: جِئْنَا مِنْ عِنْدَ عِبَادِكَ يُسَبِحُوْنَكَ وَيُكْبِرُوْنَكَ وَيُحْمِدُوْنَكَ وَيُهَلِّلُوْنَكَ وَيَسْأَلُوْنَكَ وَيَسْتَجِيرُوْنَكَ.

ثُمَّ يَقُولُ: اِشْهَدُوْا أَنِّيَّ قَدْ غَفَرَتْ لَهُمْ، وَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوْنِي، وَأَجْرَتْهُمْ مِمَّا اِسْتَجَارُوْنِي.
فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا، إِنَّ فَيَهُمُّ عَبْدَاً خَطَاءٍ جَلَسَ إِلَيْهِمْ وَلَيْسَ مِنْهُمْ.
فَيَقُولُ: وَهُوَ أَيْضًا قَدْ غَفَرَتْ لَهُ، هُمُ الْقَوْمُ لَا يَشْقَىٰ بِهُمْ جَلِيسُهُمْ. (أَخْرَجَهُ اَلبُخَارِيِ وَمُسْلِمْ)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” إِنَّ لِلَّهِ مَلَاَئِكَةَ سَيَّارَةٍ وَفُضَلَاءٍ، يَلْتَمِسُونَ مُجَالِسَ الذِّكْرِ فِي الْأرْضِ. فَإِذَا أَتَوْا عَلَى مَجْلِسِ ذِكْرِ حَفِّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ، حَتَّى يَمْلَئُوْا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا.

فَيَقُولُ اللهُ: مِنْ أَيْنَ جِئْتُم؟ فَيَقُولُونَ: جِئْنَا مِنْ عِنْدَ عِبَادِكَ يُسَبِحُوْنَكَ وَيُكْبِرُوْنَكَ وَيُحْمِدُوْنَكَ وَيُهَلِّلُوْنَكَ وَيَسْأَلُوْنَكَ وَيَسْتَجِيرُوْنَكَ.

ثُمَّ يَقُولُ: اِشْهَدُوْا أَنِّيَّ قَدْ غَفَرَتْ لَهُمْ، وَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوْنِي، وَأَجْرَتْهُمْ مِمَّا اِسْتَجَارُوْنِي.
فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا، إِنَّ فَيَهُمُّ عَبْدَاً خَطَاءٍ جَلَسَ إِلَيْهِمْ وَلَيْسَ مِنْهُمْ.
فَيَقُولُ: وَهُوَ أَيْضًا قَدْ غَفَرَتْ لَهُ، هُمُ الْقَوْمُ لَا يَشْقَىٰ بِهُمْ جَلِيسُهُمْ. (أَخْرَجَهُ اَلبُخَارِيِ وَمُسْلِمْ)

حلقة الذكر مليئة بإشعاعات انوار محبة ورحمة النبي محمد ﷺ

لحلقات الذكر بركات ورحمات لا يمكن تصورها. الرحمة التي يعطيها الله عز وجل هي بعض من حقائق تجليات الآية الكريمة من سورة الأنبياء

﴾وَمَا أَرْ‌سَلْنَاكَ إِلَّا رَ‌حْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ﴿١٠٧

هذه الهدايا والعطايا التي بحوزة النبي ﷺ له ولصحابته واحبائه الذين أحبوه، حيث ينالوا بحظ وافر من حقائق القران الكريم تتجلى عليهم وتلبس أرواحهم بسبب صحبتهم ومحبته له ﷺ.

غدا مساءا ان شاء الله سوف نتكلم عن حقيقة القران الكريم. إذا قلنا انهم من يحملون اسرار حرف الباء، ما كان هذا ليكون الا من خلال محبتهم لله عز وجل ومحبتهم للنبي ﷺ، لان الله عز وجل أرسل سيدنا محمد ﷺ رحمة لنا، وهو حبيب الله ﷺ وامرنا الله بمحبته لأننا من عالم الخلق، فيتوجب علينا ان نحب أعظم مخلوقات الله عز وجل صورة ومعنى وهو سيدنا محمد ﷺ، اهل الحب لديهم محبة هائلة لدرجة انهم يصحبون روحانية النبي محمد ﷺ بشكل دائم ومستمر. وكنتيجة لذلك ينالون ويفاض على ارواحهم من انوار النبي ﷺ، وينالوا بذلك شرف وبركات هذه الانوار. وكنتيجة تابعة لذلك تكون حقيقتهم على قدم وممشى النبي ﷺ

اعتصموا بحبل الله، وبمعارف أولياء الله وعلومهم

بعد ان يتم الباس ارواحهم من بحر الحب، وبحر الحياة الخالدة. الان يأمرهم الله عز وجل ان يعتصموا ويتمسكوا بحبل الله ولا يتفرقوا ابدا، حبل الله

﴾وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّ‌قُوا ۚ  ﴿١٠٣

اذن ما هو الحبل أصلا؟ وما هو حبل الله عز وجل؟ انه الحب الذي يصفه الله عز وجل.
اذن الله عز وجل ليس لديه حبل فيزيائي مادي معلق ما بين السماوات ويتدلى الى الأرض وعلى الناس ان يتمسكوا حسيا بهذا الحبل. ولكن المقصود بهذا الحبل وهو رابطة الحب كما يصفه الله عز وجل. حيث عليك ان تصاحب وترافقهم وتسمع لما تقوله السنتهم، وتستمع وتصغي لنصائحهم ومجالسهم، لأنها مستمدة من بحار حياة الخلود الحقيقية التي تحيي أرواح البشر. بمجرد كلامهم واستماعك له فإنك تأخذ من انوارهم. احرص وتمسك على طلب هذه المعارف والعلوم الإلهية كما قال النبي ﷺ اطلبوا العلم ولو في الصين

أُطْلُبُوا الْعِلْمَ وَلَوْ فِي الصِّيْنِ

اطلب العلم ولو في سين، سين، صين؟ لماذا؟ لان كل حياتك تتمحور حول طلب المعرفة. المعرفة والعلم لهذا السبب ابتدأنا رحلة الحوت الميت

طاقة عباد الله تحي القلوب الميتة والاروح الخابية

اذن عندما يريد الله عز وجل ان يعطي فهم أعمق لحبل الله، والاعتصام بحبل الله والتمسك به. علينا اولا ان نعلم من هو حبل الله عز وجل؟ انه النبي ﷺ. ولكن من يمثل النبي ﷺ على هذه الأرض الان؟ انهم الاولياء. عندما يبدأ الاولياء بالحديث والتعليم، فأن أصواتهم تنقل في طيات موجاتها طاقات من بحر حياة الخلود. بمجرد ما ان تكون في صحبتهم وبحضور مجالس تعليمهم وتخالطهم بحضور قلب لتحيي به قلبك وتحيي به روحك الميتة. ان الطاقة التي تشع من اذكار أولياء الله، كل ما تسمع وتحضر وتصحب في اثناء تواجدهم كل ما تأكله وما تشربه ماذا سيكون؟ وما تأثيره على روحك. ببساطة سوف يجعل هذا من حوتك وسمكتك (رمزية روحك) ترجع للحياة من جديد. ما هي افضل واعز حوت الى الله عز وجل؟ انها الأرواح. اذن أولياء الله هم محيي القلوب، صفة المحيي من أسماء الله عز وجل تسري انوارها من خلال هؤلاء الاولياء وبواسطتهم تحصل البركة والامداد للأخرين المحيطين

إذا كنت تعتقد ان هذا شيء كبير جدا، انظر الى قدرة الشمس. الله عز وجل اعطى تلك القدرة لهذا المخلوق، هل هذه القدرة المعطى للشمس أكبر ام الكرامة التي كرم الله بها بني ادم؟

﴾وَلَقَدْ كَرَّ‌مْنَا بَنِي آدَمَ…﴿٧٠

سورة الاسراء اية هذا يعني ان الله عز وجل قد اعطى هذه القدرة العظيمة للشمس، لماذا لم يعطي هذه القدرة لاحب مخلوقاته لديه؟ (ولقد كرمنا بني ادم)، لقد كرمهم الله عز وجل بنور النبي محمد ﷺ، أعظم وأحب مخلوق عند الله عز وجل. ما يمكن ان يعطيه الله من حقائق لا يمكن أحد ان يتصوره، اذن ما بالك في الروح التي خلقها الله عز وجل وشرفها. هذه حقائق النور التي لا يتفكر الناس بها

التمسك بحبل الله هو التمسك بنصيحة أولياء الله وتعاليمهم وارشاداتهم وحضورهم وصحبتهم. كل ما تكلموا، تستنير اروح من يستمع إليهم وترجع الى حياتها، سوف يرفعوا درجة وعيك الروحي ومرتبتك لتسمع وتفهم هذه الحقائق، وبهذا سوف لن تبقى حوتا ميتا بروح ميتة. دائما الروح عند النوم تصعد الى السماوات وتذهب بلسان حالها قائلا يا ربي، لقد سمعت عن هذه الحقائق وحقائق سيدنا محمد ﷺ، فيقول الله عز وجل مجيبا لهذا الروح اقفز، اقفز الى هذا المحيط، وتلك الحقائق وخذ قدر استطاعتك من تلك الحقائق

 

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين. بحرمة محمد المصطفى، وبسر سر سورة الفاتحة

شكر خاص لكل المترجمين للمساعدة بالترجمة والصحبة

 السابع والعشرين من نوفمبر ٢٠١٦ ميلادي

مقالات ذات تشابه

• 7 Maqams of Surah Fatiha A Believer Must Traverse – Part 1
• Three Tests that reflected the life of Musa (as)
• Souls of Lovers of Prophet (saws) in Heart of Prophet (saws)
• 4 Khalifa of Prophet (saws) and the Levels of the Heart

من فضلك ساهم في دعمنا في نشر المعارف السماوية وعلوم الأولياء وتبرع الان

جميع الحقوق محفوظة للمركز النقشبندي الإسلامي في فانكوفر، حقوق الطبع والنقل والنشر لسنة ٢٠٢٢ محفوظة للكاتب والمركز